الجمعة، 21 يونيو 2013

حي سيدي الزواوي تجمع سكاني بحجم مدينة يفتقر لأدنى ضروريات الحياة

مقال قديم من تأليف الصحفي "عبد القادر شقرون" لكنه ما يزال يحتفظ بأهمية المعلومات الواردة فيه.

عند زيارتك لمدينة أولاد ميمون لأول مرة فإنك من المؤكد تلتفت من بعيد وقبل وصولك إليها إلى حي شعبي كبير وعند اختراقك الطريق الوطني الذي يشق المدينة إلى شطرين فإنك تعاين بشكل قريب حي شعبي كبير يشكل الجهة الجنوبية من المدينة ويمتد على مسافة لا تقل عن 3 كيلومترات وعلى خط يمتد من غرب المدينة إلى شرقها هو إذن حي سيدي الزواوي الشعبي، والذي تمت تسميته بهذا الاسم تباركا بالولّي الصالح سيدي الزواوي ، والذي يوجد ضريحه بأعلى نقطة من الحي كحارس على أمن وطمأنينة سكان الحي


حسب روايات سكان المنطقة، والذي من شدة توسعه العمراني فإن امتداد الحي يصاحبك منذ أول لحظة عند دخولك إلى أولاد ميمون قادما من مدينة تلمسان إلى غاية مخرجها باتجاه سيدي بلعباس ولا يختلف الأمر إذا كنت قادما في الاتجاه المعاكس، كيف لا وأن سيدي الزواوي يضم ساكنة تزيد عن 18 ألف نسمة وتعادل قرابة 50 بالمائة من التعداد العام لسكان أولاد ميمون، وما يزيد الأمر غرابة أنه وإلى غاية السنوات الأولى من الاستقلال لم يكن هذا الحي موجودا، إلا أنه وفي فترات معينة مرت بها بلادنا تم إنشاء الحي وتنامى بشكل رهيب .

خط السكة الحديدية خطرا يعيشه سكان الحي يوميا .
يشكل خط السكة الحديدية الذي يعود تاريخ إنشائه إلى الفترة الاستعمارية الفرنسية خطرا على سلامة مواطني الحي ومشكلة تهدد حياة المواطنين لا سيما الصغار منهم، وما زاد من حجم المشكلة أن مسار السكة قريب كثيرا إلى البيوت وإلى فضاءات لعب الأطفال والمحلات التجارية وأبواب السكنات وغيرها من المرافق التي تعج بالحركة بشكل يومي، وكانت السلطات الاستعمارية قد أنشأته في فترة لم تكن بها المنطقة أي ساكنة وكان حينها المسار محاذيا للجهة الجنوبية لمدينة أولاد ميمون باتجاه محطة المسافرين بنفس المدينة، قبل أن يتم تشييد آلاف السكنات بعد الاستقلال على حافتيه يصعب تدارك وتصحيح الوضع في الفترة الحالية وزادت خطورة الوضع خلال السنوات الأخيرة، حيث أصبح القطار يحصد أرواح المواطنين من مختلف الأعمار خاصة بعد أن ضاعفت المؤسسة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية استغلالها للخط بما لا يقل عن 10 رحلات يوميا بين نقل البضائع والمواد الطاقوية وأيضا المسافرين.
 ورغم أن بلدية أولاد ميمون قامت منذ قرابة العامين بإنشاء ممر علوي يسمح للمواطنين بالتنقل عبره إلا أن عدد مستعمليه لا يتعدى عدد أصابع اليد في اليوم، بسبب غياب ثقافة لدى مواطني الحي ذو الطبيعة والعقلية الخاصة وكذا الارتفاع الكبير للجسر الذي لا يقدر على صعوده حتى الرياضيون والشباب، فكيف يكون الأمر بالنسبة للمرضى والعجزة.
مرافق اجتماعية متواضعة وأخرى غائبة
رغم أن سكان الحي يشهدون بتطور الخدمات ذات الطابع الاجتماعي والتي ساهمت بشكل كبير في تطور حياتهم اليومية والتقليص من حجم معاناتهم، إلا أنهم مازالوا يرون أن ذلك غير كاف فالحي لا يتوفر سوى على ملحقة تابعة للبلدية لا تضمن الخدمات الواسعة ويقتصر دورها فقط على استخراج شهادات الميلاد والإقامة والمصادقة على الوثائق، ولا يكاد أمر مصلحة البريد والمواصلات يختلف عن ذلك وإن كانت هذه الأخيرة تضمن عمليات سحب الأموال وهي الأهم بالنسبة لأصحاب الأرصدة والحسابات البريدية، إلا أن خدماتها ضعيفة فالملحقة لا يوجد بها سوى عونين اثنين، كما أن مساحتها صغيرة، فيكفي أن يدخلها 15 أو 20 شخصا لتصبح ممتلئة عن آخرها ويصعب معها الحركة، أما بالنسبة للمؤسسة الاستشفائية والموجودة بالحي فهي الأخرى تفتقد إلى توسع في الخدمات وأغلب الأطباء بها هم أطباء عامين ولا يوجد بها الاختصاصات سوى مصلحة الولادة، هذه الأخيرة التي لم يتم إنشاؤها لسكان الحي فقط وإنما لكل سكان أولاد ميمون وحتى القرى المجاورة لها وهو ما يزيد من حجم المعاناة .

المواطنون لم يفرحوا كثيرا ببرامج التهيئة العمرانية.
شرعت مصالح الولاية في إنجاز وتطبيق مشروع ضخم بمئات الملايين من السنتيمات والذي شمل تهيئة عدة كيلومترات من الحي وربط السكنات بالإنارة والكهرباء العمومية وإعادة تأهيل شبكة المياه القذرة وكذا مياه الشرب التي يعود إنشاؤها إلى السنوات الأولى من الاستقلال، إلا أن مواطني سيدي الزواوي لم يستمتعوا كثيرا بتلك المكاسب المحققة خاصة تعبيد الطرق بالزفت وتهيئة الممرات الجانبية والدروب والأرصفة إلا لوقت لم يدم سوى بضعة أشهر، قبل أن يتم الإعلان عن الشروع في إنجاز مشروع جديد يتعلق بتمويل ساكنة الحي بغاز المدينة وربط ما لا يقل عن 1000 سكن بهذه المادة الحيوية وكذا تجديد قنوات الصرف الصحي وبقدر ما كان لهذا الخبر الوقع الإيجابي لدى المواطنين والفرحة للأسر والتي كان أملها في توديع قارورة الغاز التي لازمتهم لأزيد من 30 عاما خاصة من الذين يقطنون بأعالي الحي، أين يصعب نقل القارورة من الغاز إلى هذا المكان خاصة في الظروف الجوية الصعبة، إلا أن انطلاق الأشغال كان له الوقع السلبي حيث تسببت العديد من الأشغال التي قامت بها المقاولات المختصة في ذلك في تدهور الطرقات .

وتشكل الحفر هنا وهناك وتراكم الأتربة أمام أبواب المنازل .
يشتكي شباب حي سيدي الزواوي من غياب المرافق الشبانية والترفيهية رغم أن تعداد الحي يضم ساكنة هامة ومنها آلاف الشباب والطلبة في مختلف الأطوار التعليمية من الابتدائي إلى ما بعد التدرج، ويجد معظمهم أنفسهم أمام رتابة الحياة اليومية بعد خروجهم من مقاعد الدراسة أو أماكن العمل بالنسبة للبعض الآخر، فعلى عكس ما استفادت به العديد من الأحياء في معظم البلديات من ملاعب جوارية أشرفت عليها مديرية الشبيبة والرياضة للكشف عن المواهب الرياضية وإبعادها عن مظاهر الانحراف وإلا أن ذلك لم يحدث في الحي أمام مطالب الشباب، في وقت أرجعت البلدية استحالة تطبيق بعض البرامج الثقافية والشبانية إلى غياب الجيوب العقارية، بدليل أن المصالح التقنية للبلدية حاولت في أكثر من مناسبة إيجاد رقعة شاغرة ببعض عشرات الأمتار المربعة إلا أنها لم تتمكن من ذلك.
لا يختلف حي سيدي الزواوي عن باقي الأحياء الفوضوية في ما يتعلق بالربط العشوائي وغير القانوني للسكنات بالكهرباء والغاز والمياه الشروب، فشركة سونلغاز تتكبد سنويا خسائر بالملايين جراء التوصيل غير الشرعي لعشرات المنازل بالكهرباء أو ما يصطلح عليه بالقرصنة، رغم أنها طبقت وبصرامة الإستراتيجية الوطنية الخاصة بتنصيب عدادات الاستهلاك لدى زبائنها وهي العملية التي امتدت خلال السنتين المنصرمتين ولقيت العديد من المشاكل، فمنازل لا يوجد اسمها في قائمة المشتركين وأخرى رفضت تطبيق العملية بداعي أن السكنات غير مسكونة وأخرى استجابت لتطبيق البرنامج، إلا أنه وعند قيام فرق الإحصاء الاستهلاك يتفاجؤون بأن مؤشر العداد لم يتحرك إطلاقا وهذا يعني أن هذه العائلة لم تستهلك الكهرباء وفي حالات أن تم تسجيل استهلاك فلا يتعدى بضعة الدنانير، وهي مؤشرات تؤكد عملية القرصنة مما جعل مصالح سونلغاز تحيل العشرات من الملفات إلى العدالة للفصل فيها وإلى حين البت فيها تتكبد ذات الهيئة خسائر مالية ضخمة والتي ترتفع سنويا بشكل رهيب، ولا يختلف الأمر بالنسبة لوحدة الجزائرية للمياه والتي رغم الإجراءات التي اتبعتها هذه المؤسسة هي الأخرى باعتمادها لبرنامج مماثل وسياسة شبيهة لسونلغاز من خلال إلزام كافة العائلات بعدادات استهلاك المياه الشروب.
سونلغاز والجزائرية للمياه تتكبدان خسائر ضخمة .
إلا أن العملية لم تنجح بالشكل المنتظر بسبب الحيل التي يتبعها العديد من المواطنين وهي أساليب تفاجأ لها عمال المؤسسة ومن بينها إقدام العائلة على ربط المنزل بأنبوب للمياه للشرب انطلاقا من الشبكة الرئيسية بالشارع دون أن يمر الماء الذي يدخل المنزل بالعداد وعائلات ثبت أنها مزودة بأكثر من ربط واحد، ففي الوقت الذي لا تستغل الربط المتصل بالعداد لأنه يسجل حجم الاستهلاك فإنها تستهلك عبر روابط غير مصرح بها وآخرون وصل وإلى حد إجراء تعديلات في العدادات حتى لا تسجل حجم استهلاك كبير، وبذلك يجد عمال الجزائرية للمياه أثناء فترة مراقبتهم لحجم الاستهلاك في المنازل نفس المشكل، ومن بعض المواطنين من يقوم بتوصيل العداد إلا أنه يمتهن الاحترافية في القرصنة بشكل لا يمكن لخبراء ولا لتقنيي الجزائرية للمياه الكشف عن ذلك، وما يؤكد ذلك أن ديون المؤسسة أخذة في الارتفاع من سنة لأخرى وهو ما جعلها تقوم بإنذارات لزبائنها ومن ثم قطع التمويل لعدد كبير منهم وبالفعل تمت العملية في أكثر من مكان، إلا أن احتجاجات المواطنين غير موجودة ولم تتوصل ذات المؤسسة بأي شكاوى إلا نادرا وفي حالات جد استثنائية، وأمام ذلك لم تجد الجزائرية للمياه من حل سوى التسليم بالأمر الواقع، لأن أي إجراء تعسفي وبالقوة رغم شرعيته القانونية قد ينذر بكارثة أمنية وانفجار في حي يعتبر قنبلة جيدة التموقع وقابلة للانفجار في أي لحظة بمدينة أولاد ميمون .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جدنا بفيس بوك

المواضيع الأكثر قراءة .